معاناة إنك غاضب!!
نعم، معاناة أنك بداخلك تلك الشحنة الملعونة من الثورة ... والحمق
أنك الآن بالضبط تشعر أنك تود لو كنت بالوناً ضخماً لتنفجر في وجهه.
كيف يجعل الغضب يؤثر عليَّ لهذه الدرجة؟ كيف أحترق وأغتاظ في نفسي كل لحظة عندما أمر بجوار سكنه أو لو كانت هذه الطوابق الممتدة مسنودة علي سجادة من قماش بوسعي أن أسحبها لتصبح كل الطوابق رماداً فلا يكون وينعدم الأثر!
تتمني لو كنت من قبل قطعة من الحلوي يضعها بين شفتيه والآن تتمني لو كنت الشمعة التي تتوسط هذه القطعة من الحلوي لتقع علي يده أو تلهب ملابسه ليذوق معني الألم...
ومهما كان الألم الجسدي مؤلماً إلا أن الألم النفسي من الغضب أقوي .. أقوي بكثير، قد أغضب من نفسي عندما أقصر في حياة من يهمني ولا أقوم بدوري كما أتمني، وقد أغضب من الملل وقلة الحركة، وقد أغضب من ضعف ذات اليد، وقد أغضب من الوحدة ومن الخوف ومن دوام الألم....
وقد أغضب من الإهمال وقلة الضمير بل وأشمئز أحياناً، وقد أغضب من الزحام وعدم الإلتزام وعدم النظافة وأحياناً أغضب من تدخل الآخرين بشئوني التي لا تخصهم، وقد أغضب من السرعة ومن البطء ومن إنعدام الحرارة بالهاتف في شدة إحتياجي له وقد أغضب من البرود والسماجة وقلة الخلق وقد أغضب من صراخ الأطفال والأرصفة المزدحمة التي تحرمني حقي في الطريق.
وقد أغضب من عدم القدرة علي حب شخص يستحق الحب وقد أغضب من الغباء ومن الجهل ومن ضيق الأفق وقلة الصبر.
وقد أغضب من إنعدام الفرصة وتشويش الحق ومن السلطة ومن الظلم وقد أغضب من الإحساس بإنعدام الإحساس بالجمال.
وقد أغضب من الأنانية وإدعاء الفهم عن جهل. وقد أغضب من تصابي العجوز علي فتاة مثل أحفاده ومن تبرج أمرأة عارية أو من ملتزمة تميل علي صدر رجل وتكعكع بالضحك وهو لا يحل لها.
وقد أغضب من شخص لا يغضب وأغضب من الحرب ومن طلقات الرصاص وأغضب جداً لتعدي الحرمات وإختراق النساء عرايا من أعداء وطن يستحلون لأنفسهم ما حرم الله.
وقد أغضب من غضب الله الذي لم أراعيه، وقد أغضب من ضياع الفرض مع قدرتي علي أداءه.
وقد أغضب ممن أخلع له ملبس ويشاركني فراشي وأستأثره علي نفسي ويحدث الناس عني بالسوء ويسرقني.
وقد أغضب من الإذاعات المسفة التي تدعي إنتماءها للإسلام وترحب جداً بالرقص المثير والفيديوهات الخليعة علي شاشاتها بلا حياء.
وأغضب من إمرأة تجمع بين رجلين ومن رجل يجمع بين إمرأتين.
وأغضب من الصوت المرتفع والرفيع وأغضب من الإنتظار وأغضب من حافظي القرآن غير العاملين به وأغضب من الجميلة الفارغة والداعية اللئيم والثرثارة والمتكبرة، وأغضب من قلة النظام وضيق المكان وأغضب من الإهتمام بالفضيحة ونشرها وأغضب من عصيان النوم لي.
وأغضب من قلة الأصل وإستغلال الضمير، وأغضب من إنقطاع المياه في لحظة حاسمة وأغضب من تباطئ شبكة النت مع شخص هام، وأغضب من ضياع الوقت وسذاجة الهدف وضعف الهمة.
ألم تشعر معي أنك شعرت ببعض الغضب أو حتي الضيق وأنت تقرأ لأنه غالباً قد تكون مررت بأي من هذه الأمور وليست هذه هي كل ما يغضبني ويغضبك بل هناك الأكثر والأكثر ولكني أشعر الآن بارتياحك لو كنت متفقاً معي في كل ما يغضبك مما سبق، وذلك لأنك تكون قد تحدثت عنه عن لساني وتكون قد أدركت أنك لست وحدك غاضباً.
أما الآن فسأحدثك عن نوع آخر تماماً من الغضب، الغضب من عدم الشعور بالحب، وعدم التقدير.
يهم كل منا أن يشعر بتقدير بعض الآخرين له ممن لهم محبة خالصة في نفسه ويعاب علي بعض الأشخاص ربط قوتهم النفسية وإعتقاداتهم الإيجابية عن أنفسهم بتقدير الآخرين لهم.........
دعنا الآن منهم أنهم مرضي إلي قدر كبير
ولكني اليوم أغضب ممن لا يقدرون الحب في زمان قل فيه الحب ويتناسون الإحساس بالشوق في أيام قوة التركيز فيها علي الذات.
أغضب بعد عناء كبير أن أبذل ما بوسعي في إرضائك ثم أقابل ذلك بتجاهلك إن ذلك لا يغضبني فقط بل يجرحني.
وأنت أعلم أنك لست مسئول وحدك عن إغضابي وإني مشتركة معك فلو كنت تجاهلتك لأدركت معني وجودي ولو لم أجعلك مسيطراً علي مشاعري كهذه اللحظة نعم.
عندما نغضب من شخص ما فإنها حقيقة فاشلة فلا أحد يملك أن يجعلنا غاضبون أو تعساء أبداً لأنه
لا أحد يتعدانا.
نحن الذين نقرر أن نغضب ونسامح ونحزن ونرقص فرحاً، إنه قرارنا حتي لو لم نشعر وعندما نفقد السيطرة الكاملة علي هذه القدرة فإننا لسنا نحن ... أي إننا لم نعد أنا وأنت بل أصبحنا أنا فقط وأنت فقط.
وغالباً ما نكون أنا فقط.
تماماً كاللحظة التي تندمج فيها مع كل لحظة حزينة جداً فتترغرغ عيونك بالدمع تعاطفاً وتداخلاً مع شخصية الممثل وقتها أنت الذي أنسحبت وأنت الذي أندمجت وأنت الذي بكيت...
ولم يطلب منك أبداً أحداً ذلك.
وعندما نغضب نملك وقتها قدراً ضئيلاً جداً من سيطرتنا علي إنفعالاتنا وعلي مشاعرنا فلا نستطيع أن نكون أبداً سعداء ونحن غاضبون أو هادئون ونحن غاضبون بل نركز في الغضب.
ونمنحه الفرصة..
متي نتسامح؟! ومع من؟
التسامح قوة عظمي لا يملكها إلا الأقوياء والضعيف لا يتسامح بل يتنازل، القوي فقط هو الذي يملك الرد فيمتنع عنه ويملك نفسه فيغضب ليعود ويتحكم بسرعة ويري المسافة قصيرة بينه وبين قدرته علي التسامح.
إننا لن نظل غاضبون إلا إذا قررنا، ولن نسامح إلا إذا قررنا، ولن نرضي أبداً ونحن غاضبون
فماذا يرضينا لو لم نتسامح؟
أم الأهم القدرة علي الغضب أم السعي للرضا وهل كل غضب لا ينتهي بالخزي؟
وهل كل غضب لا يضيف لنا المزيد من الخسارة فنخسر فيه طاقات نفسية مهولة ولحظات يمكن أن نستمتع بها.
ونخسر فيه حسنات وتكسب فيه أمراض ووقت ضائع وضعف تركيز وقلة نوم وعصبية وإنشغال ثم يليها مرادفات الغضب كالوساوس والشكوك ثم يليها نتائج الغضب كالتوتر والإحباط والفظاظة والإندفاع، وقلة الثقة وضعف التسامح وسيطرة الشيطان وسلطة الغيبة والنميمة، وإذابة الحسنات بالسيئات، وتوجس العطاء وبخل الإحساس وإنكماش الصدق.
أيهما تختار
أن تحيا اللحظة التي ضاعت في الغضب مرتين فلن تعاد وتكرر. إنها تأتي مرة واحدة وتترك أثارها مرات فكن أوعي وأفهم من أن تسيطر لحظة عليك لتنتهي هي وتتركك أنت في تبعاتها.
تغلي وتثور....
إما أن تواجه أو تقبل
إما أن تعرف معني قول (داين تدان) إن من ظلمك لن يتركه الله.
ومن أغفل حقك سوف يغفل حقه.
ومن لم يعطك قدرك فذكره بقدرك
وإن لم تفعل فاتركه وأنسي ما حدث وبالغ في اهتمامك به فربما يكون قد انشغل بنفسه عنك أكثر من اللازم وإذا لم ينجح ذلك كله فلا تبكِ علي من لا يريد أبداً أن يقدرك لأنك أعلي من أن تنتظر تقديره لك.
فقرر أن تسامحه وأنت الرابح في النهاية.
د.مني احمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق